الحب بيننا كان بريئاً آنذاك لم يكن الحب مسموح به فقد نشأنا أن الحب من الأشياء التى يجب أن تظل سراً حتى لايكتشف أمرها ..قد كان هذا زماناً ..
لا تسألونى متى كان هذا الزمان لأنى لاأذكر عدد سنواته التى ولت منه وراحت .. كل ما أذكره أنى ظللت أحبه برغم قسوة الأيام على قلبينا..
كل ما أدريه أنى أحببته بكل ما أملك من مشاعر وأحاسيس ..
قد كان هو لى العمر . لا تسألونى عن سر وجود كلمة كان .. لأنه المكان الطبيعى لها هنا .. بين الكلمات ..
فالأيام لاتعطى دائماً لابد وأن تأخذ من بين يدينا أجمل الآحلام وأروعها ..
وقد كان هو أجمل الأحلام وأبهاها ..
كنت ألتقيه دوماً نتبادل أطراف الحديث .. نسعد بحبنا ولكن أبداً لم ندنس ذلك الحب الطاهر البرئ بلمسةً غير شرعيه ..
قد كنا آملين أن يوم ما قادم من أجلنا يحمل لنا أفراحاً وحياه ..
أحتفظنا بكل أشواقنا لنزهو بها فى يومنا الموعود ..
ودائماً تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن ..رآنى أبى وقد كبرت وأزددت حيويه وبهاء فقالها لأمى نزوجها لأبن أختك
فهو يريدها منذ زمن وهى الآن فى سن الزواج .. آهٍ كم أعترضت .. كم عانيت من أجل إقناعهم بالرفض دون جدوى ..
فإبن خالتى لايعيبه شئ .. نعم لايعيبه شئ سوى إنه لايسكن قلبى . قلبى ..أين قلبى؟؟
قلبى ليس معى لأسكنه بداخله .. قلبى رحل معه يوم أن علم بقصتى .. تنحى جانباً فلا مجال للمنافسه ..
مازال فى مقتبل العمر هو .. لن ينال رضا أبى الذى يطمح أن يزوج أبنته الوحيده من أفضل شباب العائله ..
حتى يوم وداعنا ذاك أذكره لم تمتد يده لتلامس يدى فتترك داخلها أثراً يبقيها على قيد الحياه ..
كل ما كان منه ومنى نظرةٍ حزينه .. متوسله أن يظل الحب بيننا .. راجيه لكلاً منا حياه أفضل حتى فى أغترابنا عن أنفسنا ..
وأختفى هو لم أعد أدرى له طريق .. أترصد أخباره بين الحين والحين وأتسائل بعفويه ألم يهدينى السلام هو ..
يبتسمون من أسألهم إبتسامة السخريه بأنه حتى بالكاد يذكرنى أو يذكر شيئاً عنى ..
أحنو على نفسى من قسوة الأيام تلك وأنظر إلى زوجى أو من زوجونى به وأقولها لاذنب له فى قسوة زمانى ..
أحاول جاهده أن أخلص له وقد كنت صادقه فى محاولاتى ..قد كان زوجى حنوناً عطوفاً ولكن به شئ من القسوه ..
تلك القسوه التى جعلتنى أنفر منه مراراً وتكراراً .. ومن ثم أعود فقد حرمت من الأم وتزوج والدى بإمرأه أخرى لم ترغب بوجودى فى منزلها على حد قولها ..
فأرجع منكسره إلى زوجى وحدى حتى أنه أدرك أنه أن فعل بى أى شئ وكل شئ لامفر من العوده إليه ..
أتسعت الهوه بينى وبين زوجى وكلما كبرت وأزدادت كلما ساقنى حنينى إليه .. إلى من أحببت ولم أحب غيره ..
وهدانى زمانى هديه ماأعظمها هديه قد كنت فى طريقى لقضاء بعض الحاجيات التى تلزم إبنتى لعامها الدراسى
وفجأة رأته عينى .. نعم إنه هو .. مازال كما هو لم يتغير منه شئ .. ومثلما رأيته رآنى .. ولم أشعر إلا ويديه تحتضن يدى لم أتفوه بكلمه لا أقوى على الكلام أنا .. مافائدة الكلام الآن ..
حتى هو لم ينطق بكلمه وكأنه لامعنى للكلام بيننا .. كل ماكان منه أن أخذ بيدى وكأنى أبنته .. وكأنى زوجته .. وكأنى حبيبته ..
وسار بى بعيداً وكل ما كان منى .. كل ماكان منى أن تركت له يدى هى له .. لماذا أعترض إذاً..
فتح باب سياره وأدخلنى بها لم يسألنى .. ولن أرفض إن سألنى ..
لم أدرى إلى أين كل ماكنت أدريه أنى معه أنظر إليه خلسه وكأنى أبنة السابعة عشر .. وكأنى لم أتخطى الأربعين من عمرى بعد..
وفجأه توقفت بنا السياره وأشار لى بالنزول فنزلت .. وعاد ليمسك بيدى وكأنه يخاف أن أتركه وأرحل لا يدرك هو أن رحيلى منه إليه ..
دخل بنا إلى أحدى البنايات وصعد بى إلى الطابق الرابع وتوقف أمام إحدى الشقق ونظر إلىّ لم أبدى أى إعتراض
ففتح الباب وأشار لى بالدخول .. دخلت من ذلك الباب وأيضاً لم أتفوه بشئ .. وكأنى مسلوبة اْلإراده ..
وما أن سمعت الباب يوصد من خلفى حتى تسمرت قدماى ولم تتحرك كان لحظتها ممسكاً بيدى محاولاً الدخول بى إلى ردهة تلك الشقه ..
فألتفت لى ظناً منه أنه آن أوان أعتراضى على مايحدث ..
ولكن قد كنت لحظتها لاأعى شيئاً من حولى كل ما أردته فعلته لحظتها .. فقد شعرت برجفه فى جسدى غريبه .. يداى أمتدت رغماً عنى إلى أزرار قميصه الذى يرتديه فها هو الأول بين أصابعى ..
ثم الثانى ..لا أدرى أكان هذا الثالث أم الرابع لم أدرى إلا ويداى تمتد من تحت ذراعيه لتعانقه ضممته بقوه فرأيته مبتسماً .. مشتاقاً ..
قوتى ضعفت أمام قوته لم نتفوه بكلمه لحظتها شفتاه كانت تتحسس شعيرات رأسى البنيه والتى تزينت بعضها باللون الفضى ..
وشفتاى كانت بصدره غافيه ..تبحث عن الأرتواء من عطش كل تلك السنوات الضحله القاسيه ..
تركت له نفسى يفعل بها مايشاء فكم تشتاق له نفسى ..
تحسستنى شفتاه تحسست كل مابى وكأنه يروى ظمأ ًما بنفسه هو أيضاً ..
وأخيراً قالها كم أشتقت إليكى كثيراً ..
لم أقوى على فعل شئ غير البكاء ..
أجهشت ببكاء حار لا أدريه بكاء شوق هو أو بكاء ندم ..
على أى الأشياء أندم أنا ..
أنادمه أنا لأنى أرتشفت رشفة ماء كم كنت ظمئى لها ..
أنادمه أنا لأنى تنفست الصعداء ما أن رأيته أمامى ..
أم نادمه أنا لأنى لم ألتقيه منذ زماناً مضى ..
أمتدت يداه لتجفف دمعاتى أعتذر هو ..
عن ماذا يعتذر .؟؟
عن حنين بداخله لقلبى .. يعتذر هو لأنه منحنى تلك الهديه التى دوماً مارجوتها ..
أحبه لازلت أحبه وهو مازلت أسكن قلبه أنا ..
مازالت صورتى تتلألأ بعينيه ومازال نبضه ينطق بإسمى ..
تمنيت أن أغفو لأيام بين ذراعيه .. رجوت الله أن تقوم الساعه أو ينتهى بى الأجل فأنعم بنظرة الوداع من عينيه ..
وفجأه تذكرت ..
تذكرت أن الوقت مر بى سريعاً وأبنتى هناك تنتظر .. فقد رجوتها تنتظرنى لدقائق حتى أستريح من عناء السير فى الطرقات ..
فلم أعد أقوى على السير طويلاً .. فأتخذت من هذا المقعد متكئاً لأستريح ..
وأغمضت جفناى وأستسلمت لحلم َ هادئ أحلم به كلما أويت إلى نفسى بعيداً ..
حلم َيراودنى منذ كثيرَ من السنوات لم أغفو يوماً دون أن أراه ..
وأستيقظ على دعاء أن أراه ولو للحظات صامته ..
فقط لأغفو بصدره للمرة الأولى والأخيره وبعدها ..
هنيئاً لى بيوم الممات .......
الرئيسية 
